العملات المشفرة.. هل أصبحت ركن ثابت في المحافظ الاستثمارية؟
newsare.net
شهدت أسواق العملات المشفرة منذ مطلع عام 2025 طفرة سعرية غير مسبوقة، لتعيد إلى الواجهة جدلية الاستثمار في هذه الفئة عالية المخاطر. في صدارة هذه االعملات المشفرة.. هل أصبحت ركن ثابت في المحافظ الاستثمارية؟
شهدت أسواق العملات المشفرة منذ مطلع عام 2025 طفرة سعرية غير مسبوقة، لتعيد إلى الواجهة جدلية الاستثمار في هذه الفئة عالية المخاطر. في صدارة هذه القفزة، قادت البيتكوين والإيثيريوم موجة الارتفاعات، مدعومة بالزخم المؤسسي والطلب الفردي المتزايد، بينما تباينت مكاسب باقي العملات البديلة. الإيثيريوم، على وجه الخصوص، خطفت الأنظار بارتفاع سعرها منذ بداية العام بنسبة 40 بالمئة، مسجلة أعلى مستوياتها في نحو أربع سنوات، لترتفع قيمتها السوقية بنحو 161 مليار دولار. هذه القفزة تزامنت مع مواصلة البتكوين تحطيم الأرقام القياسية، متجاوزة حاجز 120 ألف دولار، مما خلق حالة من التفاؤل المشوب بالحذر لدى المستثمرين. لكن، ورغم الأرقام اللافتة، يبقى السؤال: هل ما نشهده اليوم هو بداية عصر ذهبي للعملات المشفرة، أم فقاعة جديدة قد تنفجر في أي لحظة؟ الرئيس التنفيذي لشركة FFM، نديم السبع، وفي حديثه لبرنامج «بزنس مع لبنى» على سكاي نيوز عربية، قدم رؤية متوازنة تمزج بين الإقرار بواقع السوق الجديد، والتحذير من الإفراط في الانخراط فيه، مع تركيز على دور المؤسسات المالية الكبرى وتطورات سلوك المستثمرين. الإيثيريوم، التي تم إطلاقها في يونيو 2015، بدأت رحلتها بسعر دولار واحد في يناير 2016. اليوم، وبعد نحو تسع سنوات، يقف سعرها عند 4600 دولار، أي أن استثمارًا متواضعًا بقيمة 1000 دولار آنذاك كان سيتحول إلى نحو 4.6 مليون دولار اليوم. هذا التحول يعكس ليس فقط الأداء القوي للعملة، بل أيضًا عمق التغير في نظرة السوق إلى الأصول الرقمية. ووفق المعطيات، جاء جزء كبير من هذه المكاسب مدفوعًا بعوامل عدة، أبرزها: الارتفاعات القياسية للبتكوين، والتي غالبًا ما تؤثر إيجابًا على باقي العملات الكبرى. الطلب المؤسسي المتنامي، حيث أعلنت شركة Bitmain عن نيتها شراء إيثيريوم بقيمة تفوق 20 مليار دولار. تزايد شهية الأفراد لدخول السوق، رغم المخاطر العالية والتقلبات الحادة. أداء العملات المشفرة منذ بداية العام المكاسب لم تقتصر على الإيثيريوم والبتكوين، وإن كانت نسبها متفاوتة: البتكوين: قيادة واضحة للسوق وارتفاعات غير مسبوقة. الإيثيريوم: +41 بالمئة، مع تعزيز موقعها كثاني أكبر عملة مشفرة من حيث القيمة السوقية. اللايتكوين: +30 بالمئة، رغم محدودية الاهتمام المؤسسي بها. السولانا: +4 بالمئة فقط، ما يعكس ضعف الزخم حولها مؤخرًا. XRP: ارتفعت 60 بالمئة وهي واحدة من أفضل العملات أداءً خلال الفترة. هذه التباينات تؤكد أن الزخم لا يتوزع بالتساوي على جميع الأصول، بل يتركز على العملات ذات الرسملة الأكبر أو التي تتمتع بدعم مشاريع قوية. يرى نديم السبع أن المشهد الاستثماري الحالي يتميز بوجود «خندقين» واضحين: «هناك من هم مع العملات الرقمية المشفرة، وهناك من هم ضدها، لكن بغض النظر عن الموقف الشخصي، أصبحت العملات المشفرة آسيت كلاس يجب أن توضع ضمن المحفظة الاستثمارية». هذا التصريح يعكس تحولًا جوهريًا في طريقة تعامل المستثمرين والمؤسسات مع هذه الأصول، إذ لم تعد العملات الرقمية خيارًا هامشيًا، بل باتت تُدرج ضمن فئات الأصول المعترف بها. السبع أوضح أن النسبة المخصصة لهذه الأصول تختلف من مستثمر لآخر، وقد تتراوح بين 3 بالمئة و20 بالمئة، لكنها في جميع الأحوال لم تعد غائبة عن المحافظ الاستثمارية، خاصة مع دخول المؤسسات وصناديق المؤشرات (ETFs) بقوة إلى السوق. أحد التحولات الأبرز التي أشار إليها السبع هو أن المستثمرين الأفراد لم يعودوا المحرك الرئيسي للسوق، بل انتقلت الدفة إلى المؤسسات المالية الكبرى. «المؤسسات وصناديق المؤشرات باتت في موقع لا يمكنها معه تجاهل الطلب، حتى وإن لم تكن مقتنعة تمامًا بهذه الأصول». البنوك الاستثمارية، بحسب السبع، لا تزال تتحفظ على العملات المشفرة، لكنها تجد نفسها مضطرة لتلبية رغبات عملائها، سواء كانوا أفرادًا ذوي ثروات كبيرة أو مؤسسات. وتقوم هذه البنوك بإدراج العملات المشفرة في محافظ عملائها إلى جانب أصول تقليدية مثل سندات الخزينة أو الأسهم، بنسبة صغيرة لا تؤثر على سلامة المحفظة الكلية. تحفظ شخصي... ورهان محدود رغم إقراره بواقع السوق، أبدى السبع تحفظه الشخصي تجاه الاستثمار المكثف في العملات المشفرة: «أنا من الأشخاص غير المحبذين لشراء العملات الرقمية المشفرة بكثافة... أفضل توزيع الاستثمارات بين العقارات، الأسهم، السندات، الذهب والفضة، مع تخصيص جزء صغير جدًا للعملات المشفرة». ويبرر ذلك بأن المستثمر الذي يحقق عوائد مستقرة من الأصول التقليدية لن يجد مبررًا للمخاطرة الكبيرة في سوق شديدة التقلب، خاصة أن الانخراط المفرط في هذه السوق قد يعرض المستثمر لخسائر كبيرة في وقت قصير. بيتكوين... الندرة ترفع القيمة أكد السبع أن البتكوين تتميز عن باقي العملات المشفرة بكونها ذات إمداد محدود، ما يجعل قيمتها مرشحة للارتفاع بمرور الوقت، بخلاف العملات الأخرى التي لا تملك هذا القيد. «99 بالمئة من العملات الأخرى قد تختفي لأنها بلا مشاريع حقيقية أو إدارات موثوقة». كما أشار إلى أن عدم معرفة هوية مؤسس البتكوين يحول دون إمكانية التحكم المركزي في معروضها، ما يمنحها ميزة إضافية مقارنة بالعملات التي يديرها أفراد أو شركات محدودة. المخاطر... والسيناريوهات السلبية لم يُغفل السبع التحذير من طبيعة السوق عالية المخاطر: «حتى المستثمرون الكبار يتعاملون مع هذه السوق بحذر، لأن الانهيارات المفاجئة ممكنة في أي لحظة». وأشار إلى أن حالات الانهيار («الكراش») قد تحدث بشكل سريع وقوي، مما يستوجب أن تكون حصة العملات المشفرة في المحفظة محدودة ومدروسة، لتفادي آثار أي تقلبات حادة. تقدم قفزات البتكوين والإيثيريوم خلال 2025 دليلًا على أن العملات المشفرة لم تعد ظاهرة عابرة، بل باتت عنصرًا مؤثرًا في النظام المالي العالمي. دخول المؤسسات وصناديق الاستثمار عزز من مكانتها، لكن طبيعتها عالية المخاطر تجعلها بحاجة إلى تعامل محسوب، كما يشدد نديم السبع. الواقع الجديد يفرض على المستثمرين — سواء كانوا مؤيدين أو معارضين — أن يحددوا بدقة موقع هذه الأصول في محافظهم، مع الالتزام بمبدأ التنويع والحذر، لأن المسافة بين القمة والانهيار في هذا السوق قد تُقاس أحيانًا بساعات لا بأيام. Read more