قمة ألاسكا.. ترامب وبوتين أمام اختبار إعادة رسم النفوذ
newsare.net
تستعد ولاية ألاسكا الأميركية لاحتضان اجتماع مغلق بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، في حدث يرى مراقبون أنه قد يشقمة ألاسكا.. ترامب وبوتين أمام اختبار إعادة رسم النفوذ
تستعد ولاية ألاسكا الأميركية لاحتضان اجتماع مغلق بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، في حدث يرى مراقبون أنه قد يشكل نقطة تحول في الحرب الأوكرانية ومسار العلاقات بين واشنطن وموسكو، بل وربما مستقبل التوازنات السياسية في أوروبا والعالم. القمة، التي تتزامن مع انتهاء المهلة التي حددها ترامب لموسكو لوقف الحرب أو مواجهة عقوبات أميركية مباشرة وثانوية، تحمل في طياتها أجندة واسعة تشمل ملفات متعددة، من أوكرانيا إلى جورجيا ومولدوفا، مرورًا بالشرق الأوسط وأفريقيا والتحالفات الدولية. ناصر زهير: استبعاد الأوروبيين خطوة مدروسة في مقابلة مع برنامج «بزنس مع لبنى» على قناة سكاي نيوز عربية، قال ناصر زهير، رئيس قسم الشؤون الاقتصادية والدبلوماسية في المنظمة الأوروبية للسياسات، إن استبعاد القادة الأوروبيين من القمة لم يكن صدفة، بل كان قرارًا محسوبًا من ترامب، الذي يرى أن المواقف الأوروبية اتسمت بالتردد منذ بداية الحرب في أوكرانيا. وأوضح زهير: «الأوروبيون في البداية لم يريدوا هذه الحرب، وحاولوا تجنبها، لكنهم انخرطوا فيها لاحقًا، وهم الآن لا يريدون أن يظهروا بمظهر الخاسر.» وأضاف أن الأوروبيين فقدوا وضوح البوصلة في إدارة الصراع، مما دفع ترامب لعقد المحادثات مع بوتين بعيدًا عنهم، مدفوعًا باعتقاده أن موسكو قد تكون أكثر مرونة من الاتحاد الأوروبي في التوصل إلى اتفاق. بحسب زهير، فإن بوتين يدخل قمة ألاسكا واضعًا أمامه ثلاثة أهداف رئيسية: انتزاع اعتراف أميركي بالمناطق التي تسيطر عليها روسيا في أوكرانيا، بما في ذلك شبه جزيرة القرم، وهو ما قد يمهد الطريق لاعتراف دولي أوسع وربما عبر الأمم المتحدة. إنهاء ملف العقوبات التي تجاوز عددها 24,300 عقوبة، والإفراج عن الأصول الروسية المجمدة التي تقدر قيمتها بنحو 350 مليار دولار. ضمان التزام أوكرانيا بعدم الانضمام إلى الناتو، مع الحصول على ترتيبات أمنية تمنع تكرار الهجمات أو محاولات الاستنزاف. وأشار زهير إلى أن هذه المطالب تحمل أبعادًا استراتيجية، إذ ترى موسكو أن أي تسوية لا تشمل ضمانات مكتوبة ستكون معرضة للتقويض لاحقًا، على غرار ما تعتبره «خيانة» اتفاقيات سابقة. هواجس ما بعد أوكرانيا: جورجيا ومولدوفا لفت زهير إلى أن القلق الأوروبي لا يقتصر على أوكرانيا، بل يمتد إلى دول أخرى على حدود روسيا، مثل جورجيا ومولدوفا. وحذر من أنه في حال خرج بوتين من القمة وقد حصل على ما يريد في أوكرانيا، فقد يتجه نحو إعادة نفس السيناريو في هذه الدول، ما يوسع رقعة الصراع في شرق أوروبا. وأضاف أن روسيا، في المقابل، تخشى أن تتحول أي هدنة إلى «فخ جديد» يؤدي إلى استنزاف اقتصادها مجددًا، لذا فهي تسعى لتحويل التفاهمات الشفهية السابقة حول توسع الناتو إلى اتفاقيات مكتوبة ذات طابع ملزم. البعد الصيني: شريك لا غنى عنه أكد زهير أن الصين تلعب دورًا جوهريًا في صمود روسيا أمام العقوبات الأميركية، من خلال توفير قنوات لتجاوز القيود التجارية وتسهيل صادرات الطاقة الروسية، فضلًا عن دعم بعض قطاعات التصنيع. وقال: «الصين تساعد روسيا في تخفيف أثر العقوبات، وهي عنصر أساسي في قدرة موسكو على الاستمرار في الحرب.» إلا أن ترامب، وفقًا لزهير، يسعى من خلال القمة إلى إضعاف هذا التحالف، عبر إغراء موسكو بإعادة جزء من علاقاتها مع الغرب مقابل تخفيف العقوبات وفتح المجال أمام الاستثمارات الغربية في روسيا. قمة إعادة رسم العلاقات يرى زهير أن قمة ألاسكا تمثل فرصة لإعادة رسم العلاقات بين واشنطن وموسكو، موضحًا أن السيناريو الأكثر ترجيحًا قد يشمل وقف العمليات العسكرية مقابل بقاء السيطرة الروسية على الأراضي التي احتلتها، من دون اعتراف فوري، على أن تبدأ مفاوضات لاحقة شبيهة بمحادثات مينسك التي أعقبت أزمة القرم عام 2014. وأشار إلى أن بعض الملفات الاقتصادية ستكون حاضرة على الطاولة، بما في ذلك منح روسيا فرصًا للاستفادة من المعادن النادرة في المناطق التي تسيطر عليها في أوكرانيا، إضافة إلى رفع العقوبات عن أصولها المجمدة. لكنه شدد على أن مثل هذه القمم غالبًا ما تتضمن بنودًا سرية لا يتم الإعلان عنها. أوضح زهير أن ترامب وبوتين يتشابهان في العناد والسعي لتحقيق الأهداف بغض النظر عن التكلفة، لكن دوافعهما مختلفة. ترامب رجل صفقات يسعى إلى إنجازات سياسية واقتصادية يمكن تسويقها داخليًا، بينما بوتين رجل أمن وعسكرة، يضع المكاسب الميدانية والسياسية فوق أي اعتبارات اقتصادية. وأضاف أن هذه الفجوة في الأولويات قد تجعل المفاوضات أكثر تعقيدًا، إذ أن الإغراءات الاقتصادية التي قد يقترحها ترامب قد لا تكون كافية لإقناع بوتين بالتنازل عن مكاسب عسكرية أو جغرافية. سيناريو القرم.. واحتمالات الفشل حذر زهير من أن فشل القمة قد يعيد الأمور إلى سيناريو شبيه بما حدث في القرم: سيطرة روسية على الأرض من دون اعتراف دولي، واستمرار التوتر على المدى الطويل. وأشار إلى أن إمكانية عقد لقاء ثانٍ، ربما يشارك فيه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، تبقى واردة في حال تعثر التوصل إلى اتفاق شامل في ألاسكا، ما يعكس إدراك الطرفين أن حسم جميع الملفات في اجتماع واحد أمر صعب. تداعيات على أوروبا والتحالفات الدولية يرى زهير أن أي اعتراف أميركي بالمكاسب الروسية سيضع أوروبا أمام تحديات كبرى، ليس فقط على صعيد وحدة موقفها من الحرب، بل أيضًا على صعيد أمنها القومي، إذ قد يشجع ذلك موسكو على توسيع نفوذها في مناطق أخرى من القارة. كما أشار إلى أن التحولات في التحالفات الدولية منذ اندلاع الحرب جعلت أوروبا أكثر اعتمادًا على الولايات المتحدة في ملف الطاقة، وهو ما يمنح واشنطن نفوذًا إضافيًا في صياغة السياسات الأوروبية تجاه روسيا. قمة بمخاطر وفرص متساوية في المحصلة، يرى ناصر زهير أن قمة ألاسكا ليست مجرد محاولة لإنهاء الحرب في أوكرانيا، بل هي اختبار لإمكانية إعادة صياغة التوازنات الدولية. فإذا نجحت، قد تفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التعاون أو التعايش بين الولايات المتحدة وروسيا، مع ما يحمله ذلك من انعكاسات على أوروبا وبقية العالم. أما إذا فشلت، فستكون مجرد محطة أخرى في صراع طويل الأمد، يحتفظ فيه كل طرف بأوراقه، بانتظار جولة تفاوض جديدة. Read more