جابر لـ«الديار»: لا يُمكن الإستمرار بالعيش في كذبة
newsare.net
الديار: ميريم ناضر- في قلب الفوضى التي يعيشها لبنان، يطلّ مشروع جديد يسوّق على أنه «الحلّ»: قانون الفجوة المالية. بعد ست سنوات من أزمة مالية حرمجابر لـ«الديار»: لا يُمكن الإستمرار بالعيش في كذبة
الديار: ميريم ناضر- في قلب الفوضى التي يعيشها لبنان، يطلّ مشروع جديد يسوّق على أنه «الحلّ»: قانون الفجوة المالية. بعد ست سنوات من أزمة مالية حرمت المودعين من مدخراتهم وأدت إلى انهيار الإقتصاد، ما يزال صندوق النقد الدولي الجهة «المنقذة المشروطة» للبنان العالق في دوامة التدهور. خطة طال انتظارها لإعادة هيكلة الديون التي تخنق الإقتصاد اللبناني، فهل أشرفت على التبلور؟ يُعدّ قانون إعادة هيكلة المصارف خطوة محورية، إلا أن وزير المالية ياسين جابر أثار موجة من الانتقادات، بعد إعلانه عن قانون بشأن إعادة جزء من الودائع، عبر إصدار سندات تُوزَّع على مودعين كبار. وفي هذا السياق، قال جابر لـ«الديار»: «حاكم مصرف لبنان كريم سعيد قدّم عرضاً، وبعد ذلك صارحتُ الناس بهذا العرض، فلم أخترع شيئاً، ومن لديه حلّ فليتفضّل ويقدّمه». واشار إلى أن «من ضمن الخطة التي يقوم بها حاكم مصرف لبنان التحقيق، أي لا يمكن لأحد شارك في تبييض الأموال أو الفساد أن يسترجع ماله». كما تساءل جابر: «هل هناك أحد في لبنان يعتقد بأنّ الأموال ستُسترجع كلّها وكأنها كانت مخبّأة»؟ «ملتزمون بمساعدة لبنان»، هذا ما أكّده المدير الإقليمي لصندوق النقد الدولي إيرنستو راميريس ريغو، خلال زيارته الأخيرة إلى لبنان. إلا أن وفد صندوق النقد كشف أنه لن يوقع الإتفاق مع لبنان، قبل الإنتهاء من معالجة الفجوة المالية. بالتالي، أوضح جابر أن «الجانب اللبناني لم يتوقّع أساساً أن يتم توقيع الإتفاق حالياً، فزيارة صندوق النقد كانت زيارة دورية، ولم نصل بعد لمرحلة توقيع الإتفاق»، مؤكداً أنه «كلما تقدمنا بالإصلاحات اقتربنا أكثر نحو الإتفاق». في المقابل، أوضح الخبير الإقتصادي جاسم عجّاقة لـ»الديار» أن «هناك عائقين أساسين أمام الإتفاق مع صندوق النقد الدولي: الأول متعلّق بالشق السياسي الأمني العسكري، والثاني متعلّق بالإرادة السياسية التي لا تزال غير متوفّرة بالشكل الكافي». ولكي يوقّع صندوق النقد برنامج مساعدة، لديه شروط قبل التوقيع، وقد لفت عجّاقة إلى أن أبرز هذه الشروط هي: ـ استراتيجية موثوقة وشاملة لإعادة هيكلة البنوك، ومعالجة الخسائر الهائلة في القطاع المالي. ـ إقرار قانون تسوية وضع البنوك، لتوفير إطار قانوني لإعادة الهيكلة. ـ إصلاحات لقانون السرية المصرفية. ـ توحيد أسعار الصرف المتعددة. ـ استراتيجية مالية متوسطة الأجل لاستعادة القدرة على تحمّل الديون وتابع «ما يطلبه صندوق النقد الآن من الجانب اللبناني هو فقط من أجل توقيع البرنامج، وبعد ذلك تأتي موجة جديدة من الإصلاحات، وهي عبارة عن عشر نقاط (إجماع واشنطن)، يجب تنفيذها للحصول على جميع الأموال». واعتبر عجّاقة أن «وتيرة تلبية الحكومة مطالب صندوق النقد قد ازدادت. وحتى لو أقرّ المشروع، لا يزال على الحكومة الكثير من العمل لتلبية المطالب التي تؤهّل لبنان لتوقيع برنامج مع صندوق النقد». بدوره، أشار جابر إلى أن «البرنامج بين لبنان وصندوق النقد ، هو برنامج قائم على تقديم دعم مالي بشكل قروض. لكن إذا أراد لبنان تقسيط هذا القرض من أين يأتي بالمال؟ هل من موازنة فيها عجز؟ والمطلوب من لبنان ليس فقط موازنة متوازنة، بل يجب أن يكون هناك فائض، أي يجب أن يكون هناك موازنة خارجية وقدرة مالية تسمح بتحقيق فائض لتسديد الديون». وأضاف «وفد صندوق النقد طالب بزيادة الضرائب، لكنني رفضت ذلك، فالبلد ما زال بحالة توتر. دعوني أعمل أولاً وأحصّل ما هو مستحقّ للدولة، قبل أن أباشر بزيادة الضرائب». بالرغم من العقدة الأساسية القائمة، وهي قانون الفجوة المالية، فقد أحرزت المفاوضات الأخيرة بعض التقدم، وبرزت الجهود التي تبذلها الحكومة في تنفيذ الإصلاحات الإقتصادية والتشريعية. من هنا، أكد جابر أن «الحكومة الحالية تتجرّأ وتقوم بواجبها في محاولة لإخراج اللبنانيين من المأساة التي يعيشونها، فلبنان على اللائحة الرمادية، ويمكن أن يصبح على اللائحة السوداء وبالتالي تُفرض عليه عقوبات». كما أوضح أن «الحكومة كانت تتخذ قرارات صحيحة، إلا أن هناك من يعرقل المسار. فصندوق النقد الدولي لا ينظر فقط إلى أداء وزارة المالية، بل إلى الوضع العام في لبنان، وهناك جهات داخلية تُعيق التقدّم، ويُعدّ القضاء من أبرز المعرقلين». وتوجّه جابر إلى كل من يطلب محاسبة من كان سبب الإنهيار قائلاً: «ليتفضّل القضاء ويحاسب المسؤولين عن هذا الإنهيار، فهو يستطيع أن يحصل على المعلومة التي يريدها، ونحن لسنا من يستطيع أن يقوم بهذه الخطوة. نحن، كسلطة تنفيذية، ليس لدينا الحق باعتقال أحد، ولا الحق بالتحقيق أو الإستدعاء أو الدخول إلى القطاع المصرفي». واكد مستنداً إلى ما ورد في بيانٍ سابق لصندوق النقد، أن «ليس هناك مصروف دون مدخول»، قائلاً: «التزمنا بهذا الأمر مبدئياً كحكومة، لكن تم تعطيلنا». صندوق النقد الدولي واقع في حيرة بعد زيارته الأخيرة ، إذ يريد عودة سريعة للتوازن في ميزانية مصرف لبنان، ولكنه لا يريد وضع ديون إضافية على الدولة. من هنا، أوضح عجّاقة أن «المعلومات تشير إلى خلاف على دين لمصرف لبنان على الدولة بقيمة 16.5 مليار دولار في نيسان 2023، وعدم الإعتراف بهذا الدين سيُطيح خطة مصرف لبنان للعودة إلى التوازن في ميزانيته». وكان قد أكد صندوق النقد في بيانه الأخير أن الإقتصاد اللبناني يبدي قدرة على الصمود، وأن السلطات اللبنانية لا تزال على الطريق الصحيح، إلا أن استعادة النمو القوي والمستدام تتطلب تنفيذ إصلاحات طموحة وشاملة. كما توقّع فريق الصندوق أن تتبنى موازنة عام 2026 نهجاً أكثر طموحاً، مقارنةً بما جاء في مشروع الموازنة الذي اعتمده مجلس الوزراء. في المقابل، أشار جابر إلى أن «العملية الإصلاحية لم تنتهِ بعد، فالقطاع المصرفي معطّل والقطاع المالي منتكس». وختم جابر كلامه قائلاً: «منذ أكثر من عشر سنوات، حذّرتُ من أزمة مالية ومن توجّه البلد نحو الجحيم. هناك واقع موجود، ولا يمكن الإستمرار بالعيش في كذبة». Read more