newsare.net
صلاح سلام - أعاد اللغط المفتعل حول تصريحات رئيس الحكومة عن حصرية السلاح بيد الدولة، إلى الواجهة إشكالية حصر السلاح بيد الدولة كمدخل ضروري لإطللقاء السرايا وإشكالية العلاقة بين الدولة والحزب
صلاح سلام - أعاد اللغط المفتعل حول تصريحات رئيس الحكومة عن حصرية السلاح بيد الدولة، إلى الواجهة إشكالية حصر السلاح بيد الدولة كمدخل ضروري لإطلاق ورشة إعادة الإعمار والتنمية المستدامة. ولكن هذه الإشكالية، لا يمكن مقاربتها إلا من خلال العلاقة الملتبسة بين الدولة و«حزب الله»، بوصفه القوة السياسية – العسكرية التي تمتلك سلاحاً خارج إطار المؤسسة الرسمية، وتتمتع في الوقت ذاته بتمثيل نيابي وشعبي.من المفترض أن «اللقاء الودّي» الذي تم أمس بين الرئيس نواف سلام ووفد حزب الله برئاسة النائب محمد رعد، قد وضع حداً لهذا اللغط، ووضع الأمور في نصابها الصحيح، على ضوء متطلبات المرحلة التي يعيشها لبنان حالياً، وشروط الدعم الخارجي الذي يحتاجه، وفي مقدمتها بسط سلطة الدولة وحصرية السلاح، وبقاء قرار الحرب والسلم من صلاحية السلطة الشرعية. لأكثر من عقدين، سادت في لبنان معادلة «الاستقرار الهش»: سلاح خارج الدولة تحت عنوان «المقاومة»، مقابل تسويات داخلية تُبقي مؤسسات الدولة قائمة دون أن تكون فاعلة. هذه المعادلة سمحت بتفادي الانفجار الداخلي في أكثر من محطة، لكنها أيضاً منعت قيام دولة متماسكة ذات سيادة كاملة، وأعاقت – بشكل غير مباشر – كل محاولة جادة للنهوض الاقتصادي.لا يمكن الحديث عن خطة إنقاذ أو ورشة إعمار حقيقية دون توفر بيئة سياسية وأمنية مستقرة، تؤمن بها الدول المانحة والمستثمرون والقطاع الخاص. وهذه البيئة لا تقوم في ظل ازدواجية السلاح، ولا في ظل غموض دور الدولة في اتخاذ القرار السيادي. فكيف يمكن للبنان أن يطلب دعماً دولياً لإعادة الإعمار، بينما يبقى قرار السلم والحرب خارج يد الحكومة؟وكيف يمكن أن تستعيد بيروت دورها الاقتصادي والمالي، بينما تنظر إليها العواصم العربية والغربية كدولة واقعة في منطقة رمادية من النفوذ الإقليمي.قد يُطرح في بعض الأوساط تساؤل «الواقعية السياسية»: لماذا لا يتم تأخير البحث بسلاح حزب الله كأمر واقع، والتركيز على الإصلاح والإعمار؟لكن هذا الطرح يفتقد إلى البُعد البنيوي للمشكلة اللبنانية. فالاقتصاد لا ينفصل عن السياسة، ومقومات الثقة الخارجية لا تنشأ في ظل مؤسسات مخترقة أو عاجزة. كما أن الداخل اللبناني نفسه – الذي بات مرهقاً من الأزمات والانهيار – لم يعد يرى في المعادلة القائمة ضمانة للاستقرار، بل معوقاً للتغيير،كما لا يمكن معالجة هذه المعضلة بسياسة الكسر أو العزل. فحزب الله، سواءٌ اختلفنا أو اتفقنا معه، يشكل مكوّناً أساسياً في المعادلة اللبنانية. لكنه لا يستطيع – بالمقابل – أن يكون شريكاً في الدولة وحارساً لها من خارجها.من هنا، تبرز الحاجة إلى تعجيل وتفعيل حوار السلاح ضمن استراتيجية دفاعية واضحة، تؤكد دور الدولة وحدها في حماية السيادة، لأن الحصول على الدعم الخارجي المطلوب لمشاريع الإعمار يرتبط بتقدم ملموس في مسار توحيد القرار السيادي. الخروج من النفق اللبناني ليس سهلاً. لكن الإبقاء على الوضع الراهن لم يعد خياراً قابلاً للاستمرار.المطلوب اليوم شجاعة متبادلة: من الدولة لتستعيد دورها، ومن الحزب ليعيد النظر في معادلة لم تعد تنتج إلا العزلة والانكماش.فمن دون دولة حقيقية، لا إعمار ممكناً. ومن دون حل حاسم لموضوع السلاح، لا دولة ممكنة! Read more