newsare.net
الأخبار: وفيق قانصوه- تتجه الحكومة إلى تهريب معاهدة الترسيم مع قبرص بعيداً من مجلس النواب، رغم أنّها معاهدة سيادية تستوجب موافقته المسبقة، ورالأخبار: الاتفاقية المجحفة لن تمرّ بمجلس النواب: الحكومة تنوي «تهريب» معاهدة الترسيم مع قبرص
الأخبار: وفيق قانصوه- تتجه الحكومة إلى تهريب معاهدة الترسيم مع قبرص بعيداً من مجلس النواب، رغم أنّها معاهدة سيادية تستوجب موافقته المسبقة، ورغم إجحافها بحق لبنان وحقوقه البحرية. الكرة الآن في ملعب المجلس: إمّا وقف هذا التفريط بالسيادة، أو السماح بتنازل سيفتح الباب أمام مزيد من التنازلات، لطالما استُخدم «التهريب الدستوري» لتمرير قرارات تمسّ بالسيادة البحرية. في عام 2007، جرى تجاوز رأي قيادة الجيش وخبراء البحرية، ووُقّعت مذكرة تفاهم أولية مع قبرص لترسيم الحدود البحرية، من دون عرضها على مجلس النواب أو إخضاعها لنقاش وطني، وأدّت إلى التفريط بما لا يقلّ عن 860 كيلومتراً مربعاً من المنطقة الاقتصادية الخالصة اللبنانية. يومها قيل إن المسألة «تقنية» و«قابلة للتعديل لاحقاً»، فإذا بالمذكرة تتحوّل إلى مستند استغلّه العدو الإسرائيلي لاحقاً لتقليص الحقوق اللبنانية. اليوم تُعاد الكرّة، لكن على نحوٍ أخطر. فالمعاهدة الحالية التي وافقت عليها الحكومة اللبنانية لترسيم الحدود البحرية مع قبرص، ليست مذكرة تفاهم قابلة للنقاش، بل اتفاقية نهائية تمنح حقوقاً بحرية ثابتة لدولة أجنبية. وتكرار أسلوب «التمرير الإداري» نفسه يؤكد أنّ المشكلة لم تكن يوماً تقنية، بل سياسية لحرمان لبنان من ثرواته بإملاءات خارجية. فبعد الخطوة المتسرّعة التي أقدمت عليها حكومة الرئيس نواف سلام، في 23 تشرين الأول الماضي، بإقرار اتفاقية الترسيم مع قبرص بشروط مجحفة للبنان تهدر ثرواته البحرية، وفقاً لتأكيدات خبراء ترسيم لبنانيين ودوليين، تبدو الحكومة ماضية في توجّه ممنهج - وربما موجّه خارجياً - لوضع الاتفاقية حيّز التنفيذ، وتهريبها عبر إبرامها من جانب السلطة التنفيذية وحدها، بعيداً من مجلس النواب. فقد قرر مجلس الوزراء «الموافقة على مشروع الاتفاق بين الجمهورية اللبنانية وجمهورية قبرص بشأن ترسيم حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة، وعلى تفويض وزير الأشغال العامة والنقل بالتوقيع، وعلى مشروع مرسوم يرمي إلى إبرام الاتفاق المذكور». واستند القرار إلى استشارة لهيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل (الرقم 2025/1751 تاريخ 2025/8/28)، بأنه «يعود لمجلس الوزراء وحده إبرام الاتفاقية عملاً بالمادة 65 من الدستور». وزارة الخارجية تؤكد أن الاتفاقية من المعاهدات التي تستوجب موافقة مجلس النواب قبل الإبرام علماً أن الاستشارة نصّت على أن «مشروع الاتفاق بين الجمهورية اللبنانية وجمهورية قبرص بشأن ترسیم حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة، يعدّ معاهدة دولية بمفهوم المادتين 52 و65 من الدستور، وأن رئيس الجمهورية هو الجهة المختصة الوحيدة بالتوقيع (بالاتفاق مع رئيس مجلس الوزراء)، وأن عبارة الإبرام الواردة في المادة 52 لا تعدو كونها التوقيع، بدليل أنه يعود لمجلس الوزراء وحده إبرام الاتفاقية عملاً بالمادة 65 من الدستور». واللافت أنّ الحكومة التي تستند إلى رأي هيئة التشريع لتبرير استبعاد مجلس النواب، تجاهلت الفقرة نفسها من الاستشارة التي تؤكد أن المعاهدة «لا يجوز فسخها سنة فسنة»، ما يستوجب بطبيعة الحال عرضها على البرلمان. والأكثر غرابة أنّ حيثيات قرار مجلس الوزراء تشير صراحة إلى إفادة وزارة الخارجية بأن الاتفاقية «من المعاهدات التي تستوجب موافقة مجلس النواب قبل الإبرام». فكيف يمكن لحكومة أن تتجاهل رأياً صادراً عن وزارة الخارجية المعنية، وأن تقرّ في قرارها بحقيقة دستورية، ثم تتصرّف بما يناقضها تماماً؟ هذا التناقض لا يمكن تفسيره إلا في سياق واحد: وجود قرار سياسي مسبق بتمرير الاتفاقية مهما كلّف الأمر، وبغضّ النظر عن اعتراضات القانون والدستور والمؤسسات المعنية. مصادر قانونية أكدت لـ«الأخبار» أن هذه الاتفاقية «معاهدة دولية» وليست مجرّد «اتفاق»، ولفتت إلى أن رأي هيئة التشريع والاستشارات كان حاسماً وواضحاً بأن «الاتفاقية معاهدة دولية بمفهوم المادّتين 52 و65 من الدستور». وأوضحت أن المادة 52 تنصّ صراحة على أنّ «المعاهدات التي تنطوي على شروط تتعلّق بمالية الدولة والمعاهدات التجارية وسائر المعاهدات التي لا يجوز فسخها سنة فسنة، لا يمكن إبرامها إلا بعد موافقة مجلس النواب». وأكدت أن «الأركان القانونية الجازمة تؤكد أنّ هذه الاتفاقية تُبرم بين دولتين ذاتَي سيادة وتخضع لأحكام القانون الدولي، وتُنتج التزامات قانونية واجبة النفاذ تترتّب عليها حقوق وموجبات للطرفين، ولا يجوز فسخها سنة فسنة، وهو الشرط الدستوري الفاصل الذي يفرض إحالتها إلى البرلمان». وعليه، وفقاً للمصادر القانونية، فإنّ «استبعاد مجلس النواب من عملية إقرار هذه المعاهدة المصيرية ليس مجرّد تجاوز للصلاحيات، بل هو انتهاك سافر للدستور وللمادة 52 منه»، و«تجاهل متعمّد لرأي هيئة التشريع والاستشارات التي حدّدت المسار الدستوري بوضوح لا لبس فيه»، و«مصادرة فاضحة لحقّ الشعب في الرقابة على ثرواته عبر ممثّليه الشرعيين». إبرام معاهدة بحرية بهذا الشكل الملتبس يعرّض لبنان لمخاطر قانونية خطيرة أمام القضاء الدولي ولفتت إلى أن «التنازل عن مساحة بحرية لمصلحة دولة أجنبية لا يختلف عن التنازل عن أرض لبنانية. فالدستور اللبناني في مادته الثانية ينص صراحةً على أنه لا يجوز التخلي عن أحد أقسام الأراضي اللبنانية أو التنازل عنه. كما أكدت المحكمة الدولية لقانون البحار أن المنطقة الاقتصادية الخالصة تمثل جزءاً لا يتجزأ من إقليم الدولة وسيادتها». وعليه، فإن تجاوز السلطة التنفيذية لمجلس النواب في قضية تتصل مباشرة بسيادة الدولة وثرواتها الطبيعية يُعدّ انقلاباً على جوهر النظام البرلماني. فالمادة 16 من الدستور تُنيط بالبرلمان سلطة التشريع والرقابة و«تمثيل الإرادة الشعبية في القرارات الكبرى»، وليس هناك قرار أشد حساسية من التنازل عن جزء من الثروة الوطنية. أما التعامل مع معاهدة حدودية بهذا المستوى، وكأنها مسألة عادية يُترك البتّ بها لحكومة تصريف أعمال أو حكومة «مستعجلة»، فهو ضرب لمبدأ الفصل بين السلطات وإفراغ للدستور من مضمونه. وهذا السلوك، إذا مرّ من دون محاسبة، سيؤسس لعُرف خطير يسمح لأي حكومة لاحقاً بأن تُبرم معاهدات تتعلق بالسيادة أو الحدود أو الثروات بعيداً من البرلمان، ما يفتح الباب أمام تغييب الرقابة الشعبية وتحويل القرار الوطني إلى أمر إداري داخلي. والأخطر أن إبرام معاهدة بحرية بهذا الشكل الملتبس يعرّض لبنان لاحقاً لمخاطر قانونية خطيرة أمام القضاء الدولي. فالاتفاقيات التي تُبرم بطريقة تفتقر إلى الشرعية الدستورية الداخلية تُستخدم أحياناً ضد الدولة أمام المحاكم الدولية باعتبارها «قرائن قبول وموافقة» على الخطوط البحرية، حتى لو كانت منقوصة الإبرام داخلياً. وقد سبق أن استُخدم هذا المبدأ في قضايا تخصّ دولاً أفريقية وآسيوية حاولت لاحقاً التراجع عن اتفاقيات حدودية. وبالتالي، فإن تمرير الاتفاقية مع قبرص خارج المسار الدستوري سيجعل الاعتراض عليها لاحقاً أكثر صعوبة، وقد يُستخدم ضد لبنان في أي نزاع حدودي جديد مع قبرص أو إسرائيل، بحجة أن لبنان وقّع ووافق وأبرم، ولو داخل مجلس الوزراء فقط، «من دون اعتراض مؤسساتي لاحق». لذلك، فإن الطريق الوحيد لوقف هذه «التهريبة» يمرّ حتماً عبر إحالة الاتفاقية فوراً إلى مجلس النواب للمناقشة الشاملة والبتّ النهائي، والكشف عن جميع الوثائق والمراسلات ومحاضر اللقاءات والمفاوضات والدراسات الفنّية والقانونية المتعلقة بالاتفاقية، من الوزارات والإدارات كافة، ولا سيّما وزارات الخارجية والأشغال والطاقة والعدل والدفاع ورئاستي الجمهورية ومجلس الوزراء، مع خرائط مديرية الشؤون الجغرافية ومصلحة الهيدروغرافيا في الجيش اللبناني. حكومة سلام تستند إلى رأي مجتزأ لهيئة التشريع لعدم عرض المعاهدة على مجلس النواب إذ إن ثروات لبنان البحرية ليست ملكاً لحكومة عابرة، والسماح بـ«تهريب» هذه الاتفاقية لن يكون سوى توقيع على شهادة تنازل عن سيادة لبنان على ثرواته، في سابقة تفتح الباب أمام مزيد من التنازلات. الإصرار على الإسراع في توقيع اتفاقية بهذا الحجم، من دون نقاش عام، ومن دون نشر الدراسات الفنية والخرائط، يطرح أسئلة مشروعة حول خلفيات التوقيت: لماذا الآن؟ ولماذا خارج البرلمان؟ ولماذا لا تُعرض الخرائط والدراسات التقنية على الرأي العام، رغم أنّها تتعلق بحدود بحرية تمس الأمن القومي وحق الأجيال اللبنانية؟ أما محاولة الحكومة ربط المسألة بضرورات «الاستثمار» و«تشجيع الشركات» فليست مجرد تبرير ضعيف، بل محاولة للتغطية على تهريب اتفاقية سيادية بعيداً من الرقابة. وهذه ليست مخالفة دستورية فحسب، بل تمثل إعلاناً بأن السلطة التنفيذية تعتبر الثروات البحرية «مادة تفاوض» وليست «جزءاً من السيادة». وهو منطق مقلوب تماماً. فالثروات الوطنية لا تُدار بسرية، ولا تُنقل ملكيتها عبر مراسيم، ولا تُختصر بقرار وزاري. والرقابة البرلمانية ليست خياراً سياسياً، بل ضمانة دستورية تحول دون تفريط الحكومات المتعاقبة بحدود البلاد. وكل مسار يعطل البرلمان أو يستبعده من هذه المعادلة هو مسار يفتح الباب أمام عُرف تفريط جديد، لا يقل خطورة عن أي تعدٍّ حدودي خارجي. الانزياح المنصف لخط الوسط يراوح بين 30 و45 كلم باتجاه الجزيرة: إهمال التباين في الجرف القاري يتعارض مع القانون الدوليفي الاتفاقية - الفضيحة التي أقرتها الحكومة لترسيم الحدود البحرية مع قبرص، وافق المفاوض اللبناني، بشكل يثير الريبة، على الترسيم باعتماد ما يُعرف بـ«منهجية خطّ الوسط». وهي معادلة رياضية بحتة تقوم على رسم خط بحري تكون كل نقطة عليه متساوية البُعد من أقرب نقطة على ساحل كل من الدولتين المتقابلتين. ورغم أن هذه قاعدة تقنية أولية يمكن أن تُعدَّل لاحقاً إذا تبيّن أنها تُنتج ظلماً أو لا تراعي «الظروف الخاصة»، قرّر هذا المفاوض سلوك الطريق الأسهل للترسيم، بالتنازل عن حقوق بحرية يرجح أنها تختزن ثروات ضخمة، في وقت كرّست محكمة العدل الدولية والمحكمة الدولية لقانون البحار في عمليات الترسيم البحري منهجية ثلاثية المراحل كالآتي: 1- رسم خط الوسط المؤقّت (Provisional Equidistance Line)؛ 2- اعتماد مبدأ الإنصاف (Equity) وتعديل الخط وفقاً لما تفرضه «الظروف الخاصة» (تفاوت أطوال السواحل مثلاً) ؛ 3- إخضاع النتيجة لاختبار التناسب (Proportionality Test) لضمان العدالة (مثل مقارنة المساحة البحرية المخصّصة لكل دولة مع نسبة أطوال سواحلها). ولا يقوم مبدأ الإنصاف في الترسيم البحري على مساواة شكلية بين الخطوط، بل يأخذ في الحسبان البنى الجغرافية والجيومورفولوجية (شكل قاع البحر وتركيب طبقاته وانحداراته) لتحديد الجرف القاري (Continental Shelf) الذي يعدّ الامتداد الطبيعي لليابسة تحت سطح البحر. وفي الحالات التي يظهر فيها عدم تماثل واضح بين الجرفين، كما هي الحال بين لبنان وقبرص، يصبح تعديل خط الوسط ليس خياراً تفاوضياً فحسب، بل التزام قانوني يدخل في صلب المادتين 74 و83 من اتفاقية قانون البحار. فالامتداد الطبيعي للجرف اللبناني لا يمكن معاملته معاملة مساوية للجرف القبرصي، لأن ذلك يُفضي حكماً إلى نتيجة غير منصفة، تُعطي وزناً مفرطاً لجرف محدود، وتحرم الجرف الأوسع من تعبيره الجغرافي الحقيقي. وهذا ما حذّرت منه محكمة العدل الدولية مراراً في قضاياها، مؤكدة أن مبدأ الإنصاف الذي يشكل جوهر ترسيم الحدود البحرية، يتطلب تجنّب النتائج «التي تبدو غير معقولة أو غير متناسبة مع الوقائع الجيومورفولوجية». وأي اتفاقية تُهمل التباين بين الجرفين وتتعامل مع خط الوسط باعتباره حقيقة هندسية ثابتة، هي اتفاقية مجحفة تتعارض مع قواعد القانون الدولي. وما جرى في الاتفاقية الأخيرة التي تسعى الحكومة إلى تمريرها مع قبرص يُمثّل انتهاكاً جوهرياً لهذه القواعد، لأنه يعطي قبرص وزناً مضخماً يتجاوز حجم جرفها الحقيقي، ويحرم لبنان من الامتداد الطبيعي الذي تثبته الخرائط والبيانات القاعية، وتؤكده المبادئ القضائية الدولية. ويوضح خبراء تحدثت إليهم «الأخبار» أن الجرف القاري، هو العنصر الأساسي الذي يُبنى عليه حقّ الدول في مواردها البحرية، ويشكل ركيزة قوية لأي اعتراض رسمي أو مراجعة قضائية محتملة. ولدى مقارنة الجرف القاري اللبناني بنظيره القبرصي، يتّضح أنّ الفارق بينهما ليس تفصيلاً تقنياً بسيطاً، بل عنصرٌ جوهري يؤثّر مباشرة في ترسيم الحدود البحرية. فالجرف اللبناني يمتدّ تدريجياً تحت البحر، بينما ينقطع الجرف القبرصي بسرعة وحِدّة بعد مسافة قصيرة من الساحل. هذا التباين الجيولوجي الواضح يندرج في القانون الدولي ضمن ما يُسمّى «الظروف الخاصة» التي يجب أخذها في الحسبان عند رسم خط الترسيم لضمان حلّ منصف ومتوازن. الجرف القاري هو المنطقة البحرية التي تمتد من حافة القارة، وتشكل امتداداً طبيعياً لها تحت الماء، قبل الانحدار الحادّ إلى أعماق المحيط. ووفقاً لاتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، للدول حقوق خاصة على الجرف القاري التابع لها، بما يشمل استغلال الموارد الطبيعية. ويُعدّ التحليل الجيومورفولوجي (Geomorphology) للجرف القاري أداة أساسية لفهم طبيعة قاع البحر، امتداده، وانحداره، وما يترتب على ذلك من آثار قانونية على ترسيم الحدود البحرية بين الدول ذات السواحل المتقابلة. والجيومورفولوجي هو العلم الذي يدرس أشكال سطح الأرض وكيفية تكوّنها وتطورها عبر الزمن وفهم العمليات الطبيعية التي تشكّل التضاريس، مثل التعرية والترسيب وتأثير البراكين والزلازل في تكوين التضاريس الجديدة. في حالة لبنان وقبرص، يمتد الجرف اللبناني بشكل متدرج وطبيعي لمسافة تفوق ثلاثة أضعاف امتداد الجرف القبرصي الذي ينحدر بشكل حادّ وينقطع مبكراً. لذا، فإن مراعاة هذا الاختلاف عند ترسيم خط الوسط بين البلدين أمر ضروري لتحقيق الإنصاف ومنع قطع الامتداد الطبيعي للبنان تحت البحر، بما يتوافق مع المبادئ المعتمدة في السوابق القضائية الدولية واختبارات التناسب في ترسيم الحدود البحرية. ترتكز الحدود البحرية، سواء لجهة الجرف القاري أو المنطقة الاقتصادية الخالصة، على المبادئ التي أرستها اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982، ولا سيما المادتين (74) و(83)، اللتين تشترطان أن يجري الترسيم بين الدول ذات السواحل المتقابلة على نحو يحقّق حلّاً منصفاً، مع مراعاة الظروف الخاصة أو العوامل ذات الصلة (Relevant Circumstances). لذلك، فإن للتباين جيومورفولوجياً بين الجرف القاري اللبناني والجرف القاري القبرصي قيمة قانونية مباشرة لمصلحة لبنان، إذ يُعدّ «ظرفاً خاصاً» يستوجب تعديل خط الوسط المؤقت باتجاه قبرص تحقيقاً للإنصاف ومنعاً لقطع الامتداد الطبيعي للبنان تحت البحر. في تحليل لنموذج قاع البحر في شرق البحر المتوسط اعتماداً على بيانات الأعماق الرسمية، ورسم خطوط «كنتور» Contour Lines (خطوط متصلة ترسم على الخرائط لتمثيل مستوى واحد من الارتفاع أو العمق تساعد في معرفة أين يختلف شكل الجرف بين الدول ما يشكل ظرفاً خاصاً قانونياً في الترسيم) من عمق 200 إلى 1700 متر، تُظهر الطبقات اللونية في الخرائط المرفقة أن الجرف القاري اللبناني، يمتدّ بشكل متدرّج ومنتظم من الساحل وحتى عمق يقارب 1500 متر. ويبدأ الانحدار لطيفاً (–200، –400، –600، –900م) قبل الوصول تدريجياً إلى قاعدة المنحدر، ويبلغ مجموع الامتداد الطبيعي قبل الانقطاع الجيولوجي حوالى 32.5 كم. في المقابل، ينحدر الجرف القاري القبرصي بشكل حاد ومفاجئ، ويتزايد العمق من 200 إلى 900 ثم إلى 1500 متر خلال مسافة تُقدّر بـ 10 إلى 13 كلم فقط. ولا يُظهر الجرف امتداداً طبيعياً مستمراً، بل يظهر انقطاعاً واضحاً عند قاعدة منحدر قصير وشديد الميل. وهذا الانقطاع المبكر والسريع للجرف القبرصي يشكل عاملاً تقنياً حاسماً في تعديل خط الوسط. ذلك أن خط الوسط، حين يُرسم من دون مراعاة الانقطاعات البنيوية، يُنتج أثراً يُعرف في فقه المحكمة بـ «قطع الامتداد الطبيعي للدولة الساحلية» وقد اعتبرت المحكمة في قضية ليبيا/مالطا (1985) أن أي خط يؤدي إلى قطع الامتداد الطبيعي لدولة، أو يمنح دولة أخرى تأثيراً يتجاوز حجم جرفها، يفقد صفته الإنصافية ويجب تعديله. وبما أن الجرف القبرصي ينتهي خلال 10 إلى 13 كيلومتراً فقط، بينما يمتد الجرف اللبناني لأكثر من 32 كيلومتراً قبل الانقطاع، يصبح تعديل خط الوسط نحو قبرص ضرورة قانونية وليس خياراً سياسياً. ووفقاً للحسابات المبنية على نسبة الامتداد الطبيعي، تبلغ المسافة الإجمالية بين الجرفين 44.93 كلم، والفارق بين الامتدادين 20.17 كلم لمصلحة لبنان، وهو ما يجعل الانزياح المنصف للخط بين 30 و45 كلم باتجاه قبرص. هذه الأرقام تتوافق مع المبادئ التي اعتمدتها محكمة العدل الدولية في اختبار التناسب (Proportionality Test)، وهو المرحلة الثالثة في منهجية ترسيم الحدود البحرية التي تعتمدها محكمة العدل الدولية ومحكمة البحار. وفكرته ببساطة: بعد رسم خط الترسيم (سواء خط وسط أو خط معدل)، تتحقق المحكمة من عدالة النتيجة النهائية عبر مقارنة نِسَب طول السواحل المتقابلة لكل دولة مع نِسَب المساحات البحرية التي حصلت عليها بعد الترسيم. فإذا كانت النسب متقاربة ومنطقية يكون الترسيم منصفاً. أما إذا حصلت دولة صغيرة الساحل على مساحة أكبر بكثير من دولة ذات ساحل أطول بكثير، يتم تعديل الخط لأنه غير متناسب. وبالتالي، فإن امتداد الجرف القاري اللبناني تدريجياً وبشكل واسع، في مقابل الانقطاع المبكر وبانحدار حاد للجرف القبرصي دليل علمي - قانوني أساسي يفرض تعديل خط الوسط لمصلحة لبنان تحقيقاً للإنصاف وفقاً لاجتهادات محكمة العدل الدولية ومحكمة البحار. Read more











