معركة الخوف
المؤكد أن لكل معركة عناصرها الرئيسية التي تتحكم في مسارها وفي نتائجها. وقد تكون هذه العناصر أعدادالضحايا، أو السيطرة على المفاصل الاستراتيجية، أو التقدم على مساحات الأرض وصولا إلى الهدف الأكبر وهوتحقيق شلّ قدرة الخصم على الفعل بصفة مؤقتة (ممكن) أو دائمة (إذا تحقق المستحيل). ما يجري في عْزة هذه الأيام لا يختلف عن ذلك بأية حال من الأحوال، حيث أن لهذه الحرب والحروب التي سبقتهاعنصر محوري يتحكم في نتائجها ومسارها ويحدد لمن ستكون الغلبة فيها، وهو عنصر الخوف والرعب (في الحالةالماثلة). عنصر الخوف تتحكم فيه بالدرجة الأولى العقيدة والإنتماء إلى ما يتم التضحية من أجله، ثم تأتي احتمالية وجودالبدائل لدى الشخص أو المجتمع الذي ينتمي إليه، ويضحي من أجله الواقف على خطوط المواجهة. في حالة أصحاب الأرض الأصليين، نجد أن العقيدة بالغة مداها حدّ أن تكون الحياة مجرد ولوج من غرفة فيمنزلك إلى غرفة أخرى في ذات المنزل. ياتي بعد ذلك الانتماء للإنسان والمكان والزمان وهي عناصر متكاملة لدىأصحاب الأرض الأصليين إذ أنه شعب له صلاته الدائمة الضاربة في القدم والمرتبطة بالأرض دهوراً ممتدة. في المقابل يكون للمحتلين، سكان الأرض الجدد المهاجرين إليها من كل أصقاع الأرض وكل أجناس وثقافاتالبشر، رابطهم الوحيد هو الإنجذاب إلى المصالح والمغريات التي تم جلبهم على أساسها. والمؤكد أنه يتم توسيعالكيان هنا حسب أعداد القادمين من أصحاب المصالح التي تتمثل في ثلاثي تأمين الحياة البشرية (المواطنة معكامل الرعاية، والعمل مع كامل الضمانات، والسكن مع كامل الخدمات) وكلها بالمجان. المفقود لدى هذا الطرف جميع الأسس التي تم الإشارة إليها، فلا انتماء يجمعهم، إذ أنهم من أجناس وثقافاتمختلفة ومتنافرة، ولا يجمعهم تاريخ مكاني ولا زماني لذات السبب أعلاه، الا الأساطير التي تحكى لهم وهم لايعلمون لها مضمونا ولا يمكلون لها ضمانا. وعليه فإن مغريات المصالح المجانية وحدها هي التي تربط بينهم. المعطيات أعلاه تفتح للمنطق بابا يمكن الرمز إليه بالشجر الذي تأتيه الرياح العاتية والعواصف القوية وقد تُسقطفروعا منها ولكنها لن تقتلع الشجر ذو الجذور المتأصلة العميقة في الأرض. وفي المقابل فإن أبسط الرياح يمكنهاالقضاء على غابات من الشجر ضعيف الصلة بالبيئة وبالأرض التي يقوم عليها مهما كانت اوراقها مخضرةوثمارها يانعة وألوانها زاهية. وعليه فإن معركة اصحاب الأرض الأصليين لن تكون يوما خاسرة وهم الباقون على الأرض إلى أن يرث الله الأرضوما عليها مهما بلغ عليهم الجور والظلم. وأن الدخلاء ذوي الأصول المختلفة (الذين لا يثقون ببعضهم بعضا ولايُحتَمَل ان يضحوا من اجل بعضهم بعضا) سيزولون مع استمرار هبوب الرياح وسيهربون مع كل نسمة تهز أركانبيوتهم التي جلبوا إليها من أجل حياة أفضل وبالمجان. وسيهربون حتما إلى بلادهم الأصل إذا ما أحسوا أنالوضع القائم ليس الا شيئا شكليا تم تأسيسه على سطح الأرض المغتصبة وسيزول مع أي تحرك. العامل الأساسي لهذا الزوال المؤكد هو عدم الانتماء للانسان وعدم الارتباط بالمكان وسطحية المرتبط منه منحكاوي الزمان. ولذلك لا يحتمل أن يضحي الشخص لمصلحة أي شخص آخر غير متلاحم معه وجدانيا وهنا يأتيعامل الخوف الذي لا مكان له لدى أصحاب الأرض الأصليين ذوي الصلات العميقة ببعضهم ولهم ارتباط مكانيوزماني مستمر لآلاف السنين تتوارثه الأجيال. هي معركة الخوف إذاً، والرابح فيها والخاسر معلوم للجميع قبل انطلاقتها.. الشيء الوحيد الذي قد يتغير ويكونصعب القبول وصعب احتماله وهو سقوط فروع من ذاك الشجر المتأصل في الأرض بعمر التاريخ… #أحمد_فايد https://www.facebook.com/share/p/jRGZjKtju14Za2Ws/?mibextid=WC7FNe