اتفاقات محدودة... وخطوة مقابل خطوة | طهران - واشنطن: جولةٌ واعدة
newsare.net
الأخبار: طهران- طهران | «إيجابية وبنّاءة»؛ هكذا وصفت كلٌّ من إيران والولايات المتحدة الجولة الأولى من المحادثات الرسمية التي جرت بينهما، أول أاتفاقات محدودة... وخطوة مقابل خطوة | طهران - واشنطن: جولةٌ واعدة
الأخبار: طهران- طهران | «إيجابية وبنّاءة»؛ هكذا وصفت كلٌّ من إيران والولايات المتحدة الجولة الأولى من المحادثات الرسمية التي جرت بينهما، أول أمس، في مسقط؛ وقادها عن الجانب الإيراني وزير الخارجية عباس عراقجي، وعن الجانب الأميركي المبعوث الخاص للرئيس الأميركي، ستيف ويتكوف. والمحادثات «غير مباشرة»، و»المباشرة» في الوقت ذاته، انطلقت بحضور عراقجي وويتكوف والوفدَين المرافقَين لهما، بدايةً، إلى قاعتَين منفصلتَين، حيث تولّى وزير الخارجية العماني، بدر البوسعيدي، نقل وجهات نظر ومواقف كل منهما إلى الآخر. وبعد أكثر من ساعتين من المحادثات غير المباشرة، التقى الوفدان وجهاً لوجه، واتّفقا على أن تُعقد الجولة التالية من المحادثات، السبت المقبل، من دون أن يحدّدا مكان الاجتماع. ووفقاً للناطق باسم وزارة الخارجية الإیرانية، إسماعيل بقائي، فإن المفاوضات لا تزال غير مباشرة وبوساطة سلطنة عمان، لكنّ المكان قد يتغيّر، علماً أن بعض المصادر ذكرت في وقت سابق أن الجولة المقبلة ربّما تُعقد في أوروبا. وكانت السلطنة استضافت محادثات سرّية إيرانية - أميركية، بين عامَي 2011 و2013، مهّدت لإبرام «خطّة العمل الشاملة المشتركة» عام 2015. ولا يزال من غير المعلوم ما إذا كانت المفاوضات الجارية حالياً، ستشكّل توطئة لاتفاق جديد محتمل بين الطرفين، اللذين بدت مواقفهما، في ختام محادثات مسقط، إيجابية، في ما قد يؤشّر إلى رضاهما عن مسارها، ويمكن أن يشكّل منعطفاً كبيراً على طريق تسوية الخلافات بينهما بالوسائل الدبلوماسية. وفي هذا الجانب، وصف البيت الأبيض، المحادثات، بـ»الإيجابية والبنّاءة جداً»، عادّاً إيّاها «خطوة نحو الأمام على طريق التوصّل إلى اتفاق جيد لكلا البلدين»، فيما اعتبر الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أن «المحادثات مع طهران تسير على نحوٍ جيد». ومن جهتها، وصفت وزارة الخارجية الإيرانية، أجواء المحادثات بأنها «بنّاءة وقائمة على الاحترام المتبادل لمواقف حكومتَي البلدين». وتظهر نتائج الجولة الأولى من المحادثات، دخول الطرفين مساراً تفاوضياً رسمياً لتسوية الخلافات، يمكن أن يشتمل على جولات عدة. ولكن، يبدو أن هذا المسار لن يطول، إذ يتحرّك كلاهما في اتّجاه تحقيق اتفاقات محدودة، وخطوة فخطوة. وبحسب وزير الخارجية الإيراني، فإن موضوع الاجتماع التالي للمحادثات الإيرانية - الأميركية، سيُخصّص للحديث عن «الأطر العامة للاتفاق»، فضلاً عن «وضع جدول زمني»، موضحاً أن ما يحبّذه ممثّل ترامب، هو التوصل إلى الإطار العام للاتفاق «في أقرب وقت ممكن». وعلى رغم أن إيران دخلت المفاوضات في ظلّ «الضغوط القصوى» الأميركية، فضلاً عن تزايد احتمالات نشوب مواجهة عسكرية، بيد أنها حدّدت خطوطاً حمراً، تقول مصادر مطّلعة إن المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، هو الذي وضعها. ولعلّ أحد أهمّ الاعتبارات الإيرانية، هو اقتصار المحادثات على البرنامج النووي، وأن تبقى الموضوعات الأخرى، بما في ذلك القدرات العسكرية (الصاروخية والمُسيّرات)، ومجموعات المقاومة، خارج إطار عملية التفاوض. وفي هذا الجانب، قالت طهران، في وقت سابق، إن مجموعات المقاومة «تشكّل أطرافاً مستقلّة»، وإنه في مقدور الأميركيين، إذا أرادوا، التفاوض معها. وفي موازاة الإعلان المتقدّم، خفّضت إيران الأنشطة العملياتية لـ»فيلق القدس» في المنطقة بشكل ملموس، فيما جمّدتها بالكامل في بعض المواقع. وفي ما يخصّ الموضوع النووي، تبدو إيران جاهزة لتقديم تنازلات كبرى مقابل رفع العقوبات، قد تشمل، وفق مصادر مطّلعة، «خفض مستوى تخصيب اليورانيوم، ونقل أو تخفيف كثافة اليورانيوم المخصّب بمستوى عالٍ، وقبول أعلى مستويات المراقبة التي تقوم بها الوكالة الدولية للطاقة الذرية» (المراقبة المتعلّقة باتفاقات الضمانات وما بعد اتفاقات الضمانات)، وكذلك قبول القيود والمراقبة بصورة دائمة وغير مقيّدة بتاريخ محدّد». واعتبرت إيران طبعاً، الحفاظ على مبدأ التخصيب خطاً أحمر. ومن ناحية أخرى، فهي تريد أن تتم إجراءاتها خطوة فخطوة، مقابل الإجراءات التي تتّخذها أميركا لجهة رفع العقوبات. أمّا الوضع على الجانب الأميركي، فيكتنفه بعض الغموض، إذ ثمّة تياران مختلفان في إدارة ترامب تجاه طريقة التعاطي مع إيران، فيما يبدو أن مستقبل المحادثات بين البلدَين يتوقّف على قدرة أيٍّ من هذين التيارَين على وضع رؤيته موضع التطبيق. ويضمّ التيار الأول شخصيات، من مثل ويتكوف، ونائب الرئيس جيه دي فانس، تُعدّ معارضة لاتّباع أساليب قاسية، بما في ذلك التدخّل العسكري، وتدعو إلى التعاطي دبلوماسياً مع طهران وتسوية الخلافات معها بأقلّ الأثمان. وينصبّ معظم تركيز هذا التيار على الاتفاق مع الجمهورية الإسلامية في المجال النووي، وممارسة رقابة صارمة على برنامجها، لكن مع الإبقاء على هيكليته. أمّا التيار الثاني، فيضمّ شخصيات من مثل مستشار الأمن القومي، مايكل والتز، ووزير الخارجية، ماركو روبيو، ويتّبع توجّهات وأساليب أكثر قسوة وحدّة تجاه إيران، مع دعوته إلى تفكيك برنامجها النووي بالكامل، ويطالب بأن يتخطّى أيّ اتفاق مع الإيرانيين، الموضوع النووي. ويُعد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الأقرب إلى هذا التيار، إذ وفي أعقاب لقائه الأخير مع ترامب في البيت الأبيض، قال إنه يحبّذ اتفاقاً مع إيران على شاكلة الاتفاق مع ليبيا عام 2003، بمعنى أن يتم تفكيك برنامجها النووي بالكامل. ويبدو ترامب، إلى الآن، أقرب إلى التيار الأول منه إلى الثاني، وفق ما يجلّيه اختياره لويتكوف لقيادة عملية التفاوض مع الإيرانيين، في ما يُعدّ مؤشراً إلى أن الرئيس الجمهوري يرغب في التوصّل إلى اتفاق حول القضية النووية في أقصر فترة زمنية ممكنة. وفي حال ظلّ التيار الأول متفوّقاً، وله اليد العليا في عملية صنع القرار مستقبلاً، يمكن القول حينها إن احتمالات التوصّل إلى اتفاق ستكون مرتفعة. لكن يبدو أن التيار الثاني، ومعه نتنياهو، سيسعيان إلى التأثير على مسار المحادثات الجديدة، ما يمكن أن يشكّل أحد التحدّيات الكبرى على طريق نجاحها، ومن جهة أخرى، فإنهما سيسعيان إلى دفع أميركا في اتجاه اتخاذ إجراءات، بما فيها خوض حرب مع إيران.